تحليلات

الثورة بين والولاء الوطني و العمالة للخارج.. صالح العجمي

يمنات – متابعات

تكاد الثورة تفقد مفهومها الإنساني والحضاري في إحداث تغيير شامل يقوم على أسس وطنية تقف على بعد متساوي من كل الأطرف. فالصراعات القبلية التاريخية والمذهبية والمناطقية انتجت نفسها من جديد وحضرت في الصورة الثورية بشكل رسمي يكشف مدى ما وصلت إليه الأحزاب والطوائف من استعداد تام لتنفيذ ولاءاتهم للخارج بما يثير المخاوف ويعكس ما أثمره الدور السلبي الإقليمي في إيجاد تحالفات تعمل لتنفيذ سياساته على حساب المصلحة الوطنية وهذا الولاء الطائفي والحزبي غطى على عيون الجميع ووقف حجر عثرة بين القيم الحقيقية للثورة الوطنية و إيجاد سياسية بديلة للنظام السابق قادرة على إيجاد الحلول الشاملة لكافة المشاكل المتراكمة التي اثقلت كاهل الجميع ودفعته للثورة .

 

وساعد على ذلك تدهور الوعي الاجتماعي الناتح عن عجز المؤسسات التعليمية والتربوية منذ قيام ثورة سبتمبر عام 62 في استئصال كافة الظواهر الاجتماعية السلبية من خلال مناهج يتبنى الأمن الفكري للفرد ويغرس لديه قيم الولاء للوطن بما يؤدي الى نقل الفرد نقلة إيجابية تتسم بالوسطية والفهم العميق لمعنى الحرية والاختلافات كثقافة ناتجة من جهود ورؤى واطروحات لا تعنى الصراع والحروب مما يدفع بكل طرف للنظر الى الخارج للاستقواء والعمالة بمن يشاطرونه الرأي والعقيدة بداية من المذهب إلى الحزب بوعي كامل

 

كل هذه الشطحات تفرض المسؤولية على النخبة المثقفة ومن يمتلكون القدرة ويفهمون أن الوضع خارج عن السيطرة وأن مثل هذا التشظي قد خرج للواقع بقوة متكأ على الخلافات القديمة ومستمدا قوته من الثقافة المتباينة البدائية ثقافة القبيلة والشيخ والتي لبست ثوبا اضافيا طائفي وكل فئة تصنف الثورة بناء على قناعاتها وولاءها وترى في الثورة ذريعة شرعية للانتقام من الأطراف الأخرى من خلال الأٌقصاء والانتقائية في الاستفادة من المكاسب الثورية بناء على توزيع الفرص الوظيفية بطريقة لا تقوم على أسس المهنية والكفاءة وهذا الانحراف الخطير لن يقود البلد إلا الى حفرة صراعات دموية وإهدار كافة الجهود وتشتيتها بما يفرض على الفرد السعي الى تحقيق مصلحته الشخصية بناء على ضوء مذهبي وقبلي يتغطى به بعيدا عن مراعاة مصلحة الوطن العليا والتحلي بروح البذل والعطاء من أجل الجميع .

 

ومن يتحدث باسم الثورة من كل الاحزاب الليبرالية والإسلامية يتحملون مسؤولية التخفيف من حدة الخطاب الطائفي والمناطقي وادعاء امتلاك الحق والسياسة القادرة على انقاذ البلد فهذا الخطاب الإعلامي الثوري العنصري مكشوف ونسجت خيوطه في الخارج والجميع يعلم عن المبالغ المالية التي يتقاضونها من الخارج وركونهم الكامل على مساعدات مالية أجنبيه بناء على عجزهم عن تمويل أنفسهم وامتلاك مشروع يبعدهم عن مد أيديهم للأجنبي بما خلق انطباع سلبي وانعدام الثقة عند الغالبية العظمى من ابناء الشعب تجاه سياسة هذه الأحزاب ومن يتزعمها فكيف بك أن تثق بمن عجز عن الاعتماد على ذاته واستثمار موارد بلده وأين المصداقية في ما يقدمه من مشروع لإنقاذ البلد في الوقت الذي باع كرامة الوطن واستقلاله ويتقاضى الأموال باسم الوطن تحت مسميات مساعدات انسانية بما انعكس على المعنى العام للثورة بأنها ثورية ولاءات اجنبية وثورة انتقامية وتصفية حسابات وثورة تنفذ مخططات خارجية تهدف الى تدمير البلد وليست ثورة تهدف إلى اخراج البلاد من الفقر والجهل والعزلة بما تمتلك البلد من موارد وإمكانات أهدرت إبان الفترات السابقة.

زر الذهاب إلى الأعلى